كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وذكر لنا في القرآن الكريم بركته سبحانه وتعالى، منها ما حصل في أولاده من نبوة موسى وغيره، وما أوتوه من الكتاب والعلم، مستدعيا سبحانه وتعالى من عباده الإيمان بذلك والتصديق به، وأن لا يهملوا معرفة حقوق بيت إبراهيم عليه السلام، إذا هو البيت المبارك، وأهله أهل النبوة والعلم والكتاب.
ولا يقول القائل: هؤلاء أنبياء بني إسرائيل لا تعلق لنا بهم، فإنه يجب علينا معشر المسلمين احترامهم وتوقيرهم والإيمان بهم ومحبتهم، وموالاتهم والثناء عليهم، وصلوات الله عليهم وسلامه.
ولما كان هذا البيت المبارك المطهر أشرف بيوت العالم على الإطلاق، خص الله سبحانه وتعالى أهله بخصائص منها: أن جعل فيهم النبوة والكتاب، فلم يأت بعد إبراهيم عليه السلام نبي إلا من أهل بيته.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى جعلهم أئمة يهدون بأمره تعالى إلى يوم القيامة، فكل من دخل الجنة أولياء الله سبحانه وتعالى بعدهم فإنما دخل بدعوتهم من طريقهم.
ومنها: أنه اتخذ منهم سبحانه وتعالى الخليلين إبراهيم عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلّم، فبدأ هذا البيت بإبراهيم عليه السلام، وختمه بمحمد صلى الله عليه وسلّم، أنه من ولد إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: {وَاتَّخَذَ الله إِبْراهِيمَ خَلِيلًا} [4: 125]، وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا»، ولم يكن لبيت من بيوت العالم مثل هذه الخصوصية.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى جعل صاحب هذا البيت إماما للعالمين، قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قال إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمامًا} [2: 124].
ومنها: أنه سبحانه وتعالى أجرى على يديه بناء بيته الحرام الّذي جعله قبلة للناس وحجا لهم، فكان ظهور هذا البيت المحرم من أهل هذا البيت الأكرمين، ومن تبحر في أحوال العالم علم أنه كان في الدهر الغابر سبعة بيوت في الأرض يحج الناس إليها، لم يبلغ بيت منها عظمة هذا البيت ولا بركته، ما منها إلا ما أباده الله وأبقى هذا البيت دونها، وزاده تشريفا وتكريما وتعظيما.
قال تعالى: {جَعَلَ الله الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِيامًا لِلنَّاسِ} [5: 97]، أي صير الله الكعبة قواما للناس الذين لا قوام لهم من رئيس يحجز ضعيفهم عن قويهم، ومسيئهم عن محسنهم، وظالمهم عن مظلومهم، فحجز سبحانه وتعالى بكل واحد من ذلك بعضهم عن بعض إذ لم يكن لهم قيام غيره، وجعلها معالم لدينهم ومصالح أمورهم، فجعل سبحانه وتعالى الكعبة والشهر الحرام قواما لمن كان يحترم ذلك من العرب، ويعظمه بمنزلة الرئيس الّذي يقوّم أمر أتباعه.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى أخرج منهم الآيتين العظيمتين التي لم يخرج من أهل بيت غيرهم مثلهما، وهما أمة موسى عليه السلام وأمة محمد صلى الله عليه وسلّم، تمام سبعين أمة خيرها وأكرمها على الله سبحانه وتعالى.
ومنها: أن الله سبحانه وتعالى أبقى عليهم لسان صدق وثناء حسنا في العالم، فلا يذكرون إلا بالثناء عليهم، والصلاة والسلام عليهم، قال تعالى: {وَتَرَكْنا عَلَيْهِ في الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [37: 108- 110].
ومنها: أنه سبحانه وتعالى جعل أهل هذا البيت فرقانا بين الناس، فالسعداء أتباعهم ومحبوهم ومن تولاهم، والأشقياء من أبغضهم وأعرض عنهم وعاداهم، فالجنة لهم ولأتباعهم، والنار لأعدائهم ومخالفيهم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى جعل ذكرهم مقرونا بذكره تعالى، فيقال: إبراهيم خليل الله ورسوله ونبيه، وموسى كليم الله ورسوله، وعيسى روح الله وكلمته، ومحمد رسول الله، قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلّم: {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ} [94: 4]، قال ابن عباس رضي الله عنه: إذا ذكرت ذكرت معي، فيقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله في كلمة الإسلام وفي الأذان وفي الخطب وفي التشهد وغير ذلك.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى جعل خلاص خلقه من شقاء الدنيا والآخرة على يدي أهل هذا البيت، فلهم على الناس من النعم ما لا يمكن إحصاؤها ولا جزاؤها، ولهم من المنن الجسام في رقاب الأولين والآخرين من أهل السعادة مع الأيادي العظام عندهم ما لا يمكن أن يجازيهم عليها إلا الله سبحانه وتعالى.
ومنها: أن كل خير ونفع وعمل صالح وطاعة للَّه سبحانه وتعالى حصلت وكانت في العالم فلهم من الأجر مثل أجور عاملها فضيلة خصهم الله سبحانه وتعالى بها من بين أهل العالم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى سد جميع الطرق بينه وبين البشر وأغلق دونهم الأبواب فلم يفتح لأحد إلا من طريقهم وبابهم، قال الجنيد رحمه الله: يقول الله عز وجل لرسوله محمد صلى الله عليه وسلّم: وعزتي وجلالي لو أتوني من كل طريق واستفتحوا كل باب لما فتحت لهم حتى يدخلوا خلفك.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى خصهم من العلم بما لم يخص به أهل بيت سواهم، فلم يطرق العالم أهل بيت أعلم باللَّه سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته وأحكامه وأفعاله، وثوابه وعقابه وشرعه، ومواقع رضاه وغضبه، وملائكته ومخلوقاته منهم، فجمع سبحانه وتعالى لهم علم الأولين والآخرين.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى خصهم من توحيده ومحبته وقربه والاختصاص به بما لم يخص أهل بيت سواهم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى مكن لهم الأرض واستخلفهم فيها، وأطاع أهل الأرض لهم، ما لم يحصل لغيرهم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى أيدهم ونصرهم وأظفرهم بأعدائهم وأعدائه ما لم يؤيد به غيرهم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى محابهم من آثار أهل الضلال والشرك، ومن الآثار التي يبغضها ويمقتها، ما لم يمحه بسواهم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى جعل آثارهم في الأرض سببا لبقاء العالم وحفظه، فلا يزال العالم باقيا ما دامت آثارهم باقية، فإذا ذهبت آثرهم من الأرض فذاك أوان خراب العالم، قال سبحانه وتعالى: {جَعَلَ الله الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِيامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} [5: 97]، قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: لو تركت الناس كلّهم الحج لوقعت السماء على الأرض، وقال: لو ترك الناس الحج كلهم لما مطروا.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلّم أن في آخر الزمان يرفع الله بيته من الأرض وكلامه من المصاحف وصدور الرجال، فلا يبقى في الأرض بيت يحجّ ولا كلام يتلى، فحينئذ يقرب خراب العالم.
وهكذا الناس اليوم، إنّما قيامهم بقيام آثار نبيهم وشرائعه بينهم، وقيام أمورهم وحصول مصالحهم واندفاع أنواع البلاء والشر عنهم بحسب ظهورها بينهم وقيامها، وهلاكهم وحلول البلايا والشر بهم عند تعطلها والإعراض عنها والتحاكم إلى غيرها واتحاد سواها.
ومن عرف حوادث الزمان فإنه يقف على أن البلاد التي سلّط الله سبحانه وتعالى عليها من سلّطه حتى أخرب البلاد وأهلك العباد، إنما كان سببه تعطيلهم لدينه بينهم وشرائعه، فكان ذلك انتقاما منهم بتسليط الله سبحانه وتعالى عليهم، وأن البلاد التي لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسنته وشرائعه فيها ظهور دفع الله سبحانه وتعالى عنهم بحسب ظهور ذلك بينهم.
وهذه الخصائص وأضعاف أضعافها من آثار رحمة الله سبحانه وتعالى وبركاته على أهل هذا البيت الإبراهيمي، فلهذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن نطلب له من الله سبحانه وتعالى أن يبارك عليه وعلى آله كما بارك على آل هذا البيت المعظم.
ومن بركاته: أنه سبحانه وتعالى أظهر على أيديهم من بركات الدنيا والآخرة ما لم يظهره على يدي أهل بيت غيرهم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى أعطاهم من خصائصهم ما لم يعط غيرهم، فمنهم من اتخذه خليلا، ومنهم الذبيح، ومنهم من كلّمه تعالى تكليما، ومنهم من آتاه الله سبحانه وتعالى شطر الحسن وجعله من أكرم الناس عليه، ومنهم من أتاه الله سبحانه وتعالى ملكا لم يؤته أحدا غيره.
ولما ذكر الله سبحانه وتعالى أهل هذا البيت وذرّيتهم أخبر أن كلهم فضّله على العالمين.
ومن خصائصهم: بركاتهم على أهل الأرض أنه يرفع العذاب عن سكان البسيطة بهم ويبعثهم، فإن عادة الله سبحانه وتعالى كانت في أمم الأنبياء الذين قبلهم أن يهلكهم إذا كذبوا أنبياءهم ورسله بعذاب يعمهم كلهم كما فعل بقوم نوح إذ أغرق الأرض كلها وأهلك من عليها بالطوفان إلا أصحاب السفينة، وكما فعل تعالى بقوم هود إذ أهلك عادا بريح دمّرتهم كلهم {ما تَذَرُ من شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [51: 42]، وكما فعل سبحانه وتعالى بقوم صالح: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا في دارِهِمْ جاثِمِينَ} [7: 78]، وكما فعل تعالى بقوم لوط جعل مدائنهم {عالِيَها سافِلَها} [15: 74]، فلما أنزل الله سبحانه وتعالى التوراة والإنجيل والزبور والقرآن، رفع بنزولها العذاب العام عن أهل الأرض، وأمر سبحانه وتعالى بجهاد من كذبها وخالفها، فكان ذلك نصرة لأهل دينه بأيديهم، وشفاء لصدورهم واتخاذ الشهداء منهم، وإهلاك عدوّ الله بأيديهم لتحصل نصرته سبحانه وتعالى على أيديهم.
وحق لأهل بيت هذا من بعض فضائلهم وخصائصهم أن لا تزال الألسنة رطبة بالصلاة عليهم والسلام، والثناء والتعظيم، ولا تزال القلوب ممتلئة من محبتهم وتوقيرهم وإجلالهم، وليعلم المصلي عليهم أنه لو صرف أنفاسه كلها في الصلاة عليهم لما وفى القليل من حقهم، فجزاهم الله سبحانه وتعالى عنا أفضل الجزاء، وزادهم في الملأ الأعلى تعظيما وتشريفا، ومهابة وتكريما، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلّم بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [10: 2]، قال قتادة والحسن وزيد بن أسلّم: قدم صدق هو محمد صلى الله عليه وسلّم يشفع لهم.
وعن أبي سعيد الخدريّ: هي شفاعة نبيهم محمد، وهو شفيع صدق عند ربهم.
خرج البخاري وأبو داود من حديث مسدد قال: حدثنا يحيى عن الحسن بن ذكوان قال: حدثنا أيوب قال: حدثني عمران بن الحصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: يخرج قوم فيدخلون الجنة ويسمون الجهنميون. ذكره البخاري في الرقاق في باب صفة الجنة والنار، وذكره أبو داود في كتاب السنة في باب الشفاعة ولفظهما فيه سواء.
وخرج البخاري من حديث همام عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: يخرج قوم من النار بعد ما مسهم منها سفع فيدخلون الجنة، فيسميهم أهل الجنة الجهنميون. ذكره في الرقاق في كتاب التوحيد في باب قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ من الْمُحْسِنِينَ} [7: 56].
ومن حديث هشام عن قتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ليصيبن أقواما سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبة ثم يدخلهم الله تعالى الجنة بفضل رحمته يقال لهم: الجهنميون. وللترمذي من طريق عن الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وله من حديث سعيد عن قتادة عن أبي المليح عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أتاني آت من عند ربي فخيّرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة، وهي لمن مات لا يشرك باللَّه شيئا».
وخرج أبو بشر بن محمد بن أحمد بن حماد الدولابي من حديث محمد بن عوف ابن سفيان الطائي قال: حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، أخبرنا شعيب عن الزهري قال: حدثنا أنس بن مالك عن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أريت ما يلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دماء بعض، فأحزنني وشق ذلك عليّ، وسبق ذلك من الله تعالى كما سبق في الأمم قبلهم، فسألته أن يوليني الشفاعة فيهم يوم القيامة ففعل».
وخرج مسلم من طريق أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان عن عمرو سمع جابرا رضي الله عنه يقول: سمعه من النبي صلى الله عليه وسلّم بأذنه يقول: «إن الله تبارك وتعالى يخرج ناسا من النار فيدخلهم الجنة».
وخرج من حديث حماد بن زيد قال: قلت لعمرو بن دينار: أسمعت جابر ابن عبد الله يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن الله تعالى يخرج قوما من النار بالشفاعة؟ قال: نعم».
وخرجه البخاري من حديث حماد عن عمرو عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «يخرج من النار قوم بالشفاعة كأنهم الثّعارير، قلنا: ما الثعارير؟ قال: الضغابيس» وفي رواية: «إن الله يخرج ناسا من النار فيدخلهم الجنة» وفي أخرى: «إن الله يخرج قوما من النار بالشفاعة». وخرج من حديث حماد، عن عمرو، عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «يخرج من النار بالشفاعة كأنهم الثعارير». قلت: وما الثعارير؟ قال: الضغابيس. وكان قد سقط فمه، فقلت لعمرو بن دينار: أبا محمد، سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: «يخرج بالشفاعة من النار»؟ قال: نعم. ذكره في كتاب الرقاق. ولمسلم من حديث أبي أحمد الزبيري، حدثنا قيس بن سليم العنبري، قال: حدثني يزيد الفقير، حدثنا جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أم قوما يخرجون من النار يحترقون فيها، إلا دارات وجوههم حتى يدخلون الجنة».
وله من حديث ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود فقال: «نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا، انظر أي ذلك فوق الناس، قال: فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول: من تنظرون؟ فيقولون: ننظر ربنا، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم ويتبعونه، ويعطى كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نورا، ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك، تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة، وجوههم كالقمر ليلة البدر، سبعون ألفا لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم، كأضواء نجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحل الشفاعة، ويشفعون حتى يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل، ويذهب حراقه، ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها».
قال كاتبه: هكذا وقع في رواية هذا الحديث عن كذا وكذا، انظر.
وقال الحفاظ: هو كلام فاسد غير مستقيم، وصوابه: على كوم، وهو جمع كومة، وهو المكان المشرف، أي نحن فوق الناس، فلم يذكر المؤلف اللفظة أو المكنى عنه، فكنى عنها بكذا وكذا، وفسرها بقوله: أي ذلك فوق الناس، وقوله: انظر أي تأمل هذا الموضع واستثبت فيه، فظنه الناسخ من الحديث فألحقه بمتنه، ولا يخفى ما فيه من التخليط.
وقال الشيخ محيي الدين النووي: هكذا في جميع الأصول من صحيح مسلم، واتفق المتقدمون والمتأخرون على أنه تصحيف.